نصوص من زمن البهيموقراطية (4)...مهدى إلى فتحي بن الحاج يحي وكل الذين عاشوا الحرية من واء القضبان

Publié le par kzaghbani

كتابة السجن...كتابة الحرية

 

كمال الزغباني

 

 

 

الأم

 

تقف الأم فجرا في محطة الحافلات بين مدرسة وحديقة محمد الدغباجي وتفكر في الرحلة التي حدثوها كثيرا عن طولها وعنائها دون أن تنجح في تخيلها. سـتأخذها حافلة الخامسة صباحا من الحامة إلى تونس وسـتأخذها أخرى (في الغد) من تونس إلى بنزرت حيث ستكتري تاكسي حتى برج الرومي. ستبيت في تونس في منزل عائلة جيلبار نقاش، ذلك الفتى الأبيض الطويل والطريف ذو اللكنة المحببة الذي كان قد زارها رفقة ابنها نورالدين منذ سنوات والذي "يقيم" معه الآن بنفس السجن. تتفقد قفتها للمرة العشرين. كل شيء هناك. كل ما كانت تعرف أن نورالدين يحب تناوله وكل ما يمكنه أن يدخل شيئا من الفرح على رفاقه الذين غدت تشملهم بأمومتها رغم أنها لم تكن تعرف منهم وعنهم إلا القليل. تحاول للمرة الألف فهم سبب وجوده ووجودهم وراء القضبان كل أولئك الفتية المرحون المغرمون بالكتب والممتلئون حياة. عبثا تحاول أن تفهم. قيل لها أنهم شيوعيون كفرة وهي ضد ذلك. لكنها لا تجده سببا مقنعا لسجنهم. فمسألة الكفر والإيمان من مشمولات الله لا من شؤون الحاكم. وقيل أيضا أنهم يعارضون الزعيم بورقيبة ويسعون إلى أن يحلوا محله في الحكم. لكن عم نورالدين وهو مناضل بورقيبي معروف أكد لها أن ذلك ليس صحيحا تماما.

انتفضت من خواطرها إذ هدر محرك الحافلة. أمسكت بقفتها مخافة أن تنقلب بعض العلب المقفلة بإحكام فتفسد محتوياتها العزيزة. سرحت نظرها في نخلات الواحة المتسامقة التي جعلت تسرع في الاتجاه المعاكس. قاومت دوار الرحلة الأولى بتأمل ملامحه المحببة التي تلألأت على قمم النخلات. كم اشتاقت إليه. شعرت الأم بانقباض في صدرها إذ تذكرت أنها لم تر ولدها منذ سنوات...       

 

الحصاة

 

قبل رحلة الأم تلك بما يزيد عن المائة عام (1869) شرع السجين السابق فيدور دوستويفسكي في كتابة إحدى أعظم الروايات التي سيتاح للبشرية أن تقرأها: الأبله. في 1849 كان قد كتب رسالة نقدية لاذعة إلى كاتب روسي عظيم آخر هو غوغول يعيب عليه فيها مناصرته للملكية المطلقة. وكان أيضا قد نادى بإطلاق حرية الصحافة وبضرورة تحرير الفلاحين من ربقة العبودية التي كانوا يرزحون تحتها. كان ذلك كافيا لإيقافه وللحكم عليه بالإعدام رميا بالرصاص بتهمة الانتماء إلى حركة محظورة وإجرامية ("البتراشيفية" وقد كانت حركة فكرية وسياسية تتراوح أطروحاتها بين الفوضوية واليوتوبية المستندة إلى رؤى الفيلسوف الفرنسي شارل فورييه). ورغم أن الحكم قد وقع تحويله إلى أربع سنوات من الأشغال الشاقة فإن السجناء الذين لم يكونوا يعلمون عن مصيرهم شيئا سيقتادون ذات فجر مثلج إلى ساحة سمينوفسكي حيث تتم قراءة حكم الإعدام قبل أن يربط بعضهم إلى عواميد الموت ويلعلع الرصاص. ثم يعادون إلى السجن. كانت تلك "تمثيلية الإعدام" التي قررها نيكولاي الثاني لتحطيم نفسيات "المجرمين". وكانت تلك اللحظة الفارقة، لحظة النظر إلى الموت العين في العين، في حياة دوستويفسكي وفي كتاباته. وكان كتاب دفاتر من المنزل الميت تدشينا مذهلا لنمط جديد من الكتابة الروائية الذي سيسميه النقاد فيما بعد بأدب السجون أو الكتابة السجنية بما هي بالأساس كتابة حرية. وسيكون الأدب العربي واحدا من أكثر الآداب التي سيتطور فيها هذا الأدب (عبد الرحمان منيف، صنع الله إبراهيم، عبد الرحمان مجيد الربيعي، حيدر حيدر...). والأسباب طبعا واضحة: لا تضاهي قدرة الدكتاتوريين العرب على ملء السجون بالمعارضين سوى قدرتهم على الظهور بمظهر الشباب الدائم.

في قراءته السينمائية لرواية الأبله يقدم الياباني أكيرا كيروزاوا شخصية السجين السابق كاميدا (الأمير مشكين في الرواية) على أساس أنه الإنسان الذي يغدو أبله من فرط الطيبة التي أراد أن يضفيها عليه مبدعه. وحين تسأله الفتاة التي تحبه عن سر طيبته المفرطة التي تجعله أحيانا مثار سخرية المحيطين بهما وسبب حنقها عليهم وعليه، يصف لها إحساساته لحظة كان جاثيا على ركبتيه في انتظار الرصاصة التي ستصرعه. بمحاذاته كان قد سقط للتو معدم آخر. أما هو فقد اشتدت قبضته المرتعدة على حصاة صغيرة. أغمض عينيه بشدة مرعبة وجعل من تلك الحصاة نواة ومدار كيانه، حل فيها وحلت فيه. وحين انتهت "التمثيلية" وأعيد إلى السجن ظل محتفظا بها كما لو كانت حرزا أو تميمة من تلك التي تعلقها الأمهات في أعناق أطفالهن لحمايتهم من كافة الشرور. "شعرت في تلك اللحظة أنه سيكون علي أن أكون طيبا وحنونا مع كل الناس ومع كل الأشياء دون استثناء...حتى مع الكلب الذي كنت قد عذبته وقسوت عليه لما كنت طفلا عابثا"...                  

 

الجلاد ضحية الضحية

 

في ذات السجن الذي ستصله الأم بقفافها في الغد كان جيلبار نقاش يجمع بحرص نملة علب الكريستال ليستخرج أوراقها الداخلية التي كان يكتب عليها روايته. كانت فضيلة تلك الأوراق أنها قابلة للطي إلى أحجام صغيرة جدا بحيث يسهل تخبئتها في طيات ثيابه أو في الشقوق الصغيرة للجدران المعتمة عندما يعلم أنه سيتم تفتيشه بدقة. كانت الحاجة إلى الكتابة قد فرضت ذاتها فجأة على ذلك المهندس الفلاحي المنتمي بالولادة إلى عائلة يهودية تونسية وبالمهجة إلى عائلة آفاق التي من رحم معاناة مؤسسيها ولد اليسار التونسي بكل ثرائه وتفرده، بكل إنجازاته وبكل انكساراته. أن ينشئ في عتمة الزنزانة عالما هو مبدعه لا يمكن للسجان-الجلاد أن يطاله، كان ذلك تحديا يستحق كل التضحيات الممكنة بما في ذلك أقصاها. أن يمنح الحياة والحركة لشخوص من بنات خيالاته، كان ذلك شكلا من أشكال إثباته أن كل صنوف التنكيل ومحاولات الإذلال لن تمس بؤرة الضوء الداخلية التي تشع منها حريته الخاصة وحياتها المتأججة في كيانه. وهكذا تتولد من الرواية روايتان: مذكرات السجين السياسي بمعاناتها اليومية، بآلامها الجسدية والعاطفية الممضة، بالصمود والتآزر الداخلي بين المناضلين وبينهم وبين السجناء الآخرين. ومن جهة ثانية رواية العالم الخارجي حيث السهرات المطولة والنقاشات الأطول حول أساليب النضال وأسسه النظرية وآفاقه وحيث العلاقات العاطفية والجنسية التي تخترق المحظورات وتؤسس لفن وجود جديد مغر وعسير في الوقت ذاته.

في واحدة من أجمل لحظات كريستال يطلعنا السجين السياسي على انطباعاته عن محكومين بالإعدام يقيمون قربهم أياما قليلة قبل أن يقادوا إلى حتفهم المحتوم: "ليس جناح الزنزانات مخصصا للسياسيين فقط. فهو يستقبل أيضا بعض مساجين الحق العام المحكوم عليهم لهذا السبب أو ذاك والذين كانوا يقضون بين ثلاثة وخمسة عشر يوما في إحدى الزنزانات. وبسرعة نعلم أن المحكوم عليهم بالإعدام يقيمون هنا في انتظار تنفيذ الحكم فيهم. بعد أن جردوا من أدباشهم المدنية ومن كل ما يمكن أن يسهل عليهم الانتحار مثل الزجاج والحديد وحتى أعواد الكبريت (لم يكونوا يستطيعون التدخين إلا إذا ما أشعل لهم الحارس) كان هؤلاء البشر الحاملين حدادهم على حياتهم الخاصة يبدون أكثر رثاثة في الثياب العسكرية الخضراء التي فرض عليهم ارتداؤها وهي التي لا شكل لها كما أنها لم تكن على قياسهم. نتوصل إلى تبادل بعض الكلمات معهم، هم الذين كانوا بحسب درجة تغافل الحارس يتمكنون أحيانا من التنفس في ركن من الباحة مقتعدين الأرض لوقت أطول بكثير من الدقائق العشر المقيضة للجولة والتي كان عدد الزنزانات يحمل على احترامها من قبل الجميع. نعطيهم بعض السجائر ونرسل لهم القليل من الغذاء...ذلك اليوم مثلا في المولد النبوي لسنة 1973 كنا ستة عشر في الزنزانة الكبرى، الغرفة 17، وكنا قد تلقينا من العصيدة أكثر مما كان يمكننا أكله. أرسلنا منها إلى المحكومين بالإعدام الأربعة الذين كانوا هناك. حين كنا عائدين من الجولة رأيناهم يأكلون في زنزانة أحدهم فالحارس كان قد ترك الباب مفتوحا حتى يتأكد من أنهم لن يستغلوا وجود الملاعق أو الأواني البلورية للانتحار. كانوا هناك أربعتهم مجتهدين في الأكل بشراهة من تلك الأكلة اللذيذة التي كان ظاهرا أنهم كانوا يجدونها فاقدة للطعم. عند مرورنا تظاهروا بالوقوف، للتعبير عن امتنانهم لنا ، للتعبير عن اعترافهم بالجميل لحركتنا تجاههم. لكن حرارة ذلك الاعتراف لم تنجح في بعث الدفء فيهم. كانت نظراتهم تعبر عن قنوط، عن رعب...كما لو كانوا يدركون مسبقا بأن اثنين منهم كانا سيشنقان مع الفجر المقبل. كما لو كانوا يعلمون أن لا واحد منهم سيكون هناك في جويلية..."

"قد تستغربون هذا...ولكنني أحسست بالشفقة عليه حين التقت أعيننا بالمطار سنوات طويلة بعد أن غادرت السجن". هكذا حدثنا جيلبار نقاش (قبل أن ينتقل مقعدا إلى فرنسا) مشيرا إلى سجانه وجلاده. وأكاد أجزم الآن أنني أفهم جيدا إحساس "بابي" (كما يحلو لرفاقه أن ينادوه). يتحدث هيغل عن جدلية السيد والعبد التي بفعلها يتحول السيد إلى عبد للعبد (لأن سيادته لا تتحقق فعليا إلا عبر اعتراف العبد به سيدا) والعبد إلى سيد على السيد (طالما أن عبوديته هي شرط تحقق تلك السيادة). أما الجلاد فهو ضحية مرتين: ضحية الدكتاتور الذي جعل منه آلة تعذيب مفتقرة للمقومات الدنيا التي بها تتحقق ذاتيته الإنسانية، وضحية الضحية أي المناضل السياسي الذي بصموده وبتشبثه شبه الخرافي بكرامته وحريته يجبر الجلاد مهما كان جبروته على النظر في مرآته ليرى ضعفه وخنوعه وعبوديته للدكتاتور. من ثمة جاءت مثلا الصورة الأدبية والسينمائية السائدة للجلاد باعتباره كائنا هشا مهدما من الداخل كما تتجلى من خلال علاقته اللاسوية بالمرأة التي تكون إما امتدادا للدكتاتور (الزوجة المتسلطة) أو شكلا آخر من الضحية المخضعة والمنكل بها (الزوجة المستسلمة أو المومس التي يتلاعب بكيانها باعتبارها مجرد سلعة).                            

 

السجن داخل السجن

 

إذا كان دوستويفسكي رائد الكتابة السجنية وإذا كان جيلبار نقاش أول من مارس هذا الفعل الإبداعي في الرواية التونسية فإن ميشيل فوكو هو بامتياز مفكر أو فيلسوف السجن وكافة أشكال الحبس (l’enfermement). بتلك البساطة التي لا تتاح إلا للعظماء يعلن فوكو في المراقبة والمعاقبة(1975) أوّلا أن السجون مثلها مثل غيرها من أشكال العزل والحبس الأخرى (ولاسيما المعازل النفسية) ليست غايتها مقاومة الجريمة أو "إصلاح" الذوات الضالة عن السبيل القويم وإنما هو "إنتاج" المنحرفين والمغايرين الذين بفضل وجودهم يتعرف الكل الاجتماعي على ذاته عبر التباين مع "آخرية" من صنعه. أما الأطروحة المجددة الثانية التي صاغها فوكو فهي أن السلطة (بما فيها السلطة السجنية) هي أولا وقبل كل شيء مسألة رؤية وإضاءة. هي مراقبة ومعاقبة. من ثمة جاء تحليله لأهمية الشكل المعماري البانوبتيقي (panoptique) أي ذلك البناء الدائري (الذي كان الفيلسوف البريطاني بنتهام قد دعا إليه منذ 1871) الذي يسمح بالقدر الأقصى الممكن من الرقابة على السجناء. لكن قوة أطروحة فوكو تتأتى من كونه قد بين أن العلاقة السجنية ما هي إلا وجه من وجوه العلاقة السلطوية (أن تَرى دون أن تُرى). فالسلطة، على تعدد وتنوع أشكال حضورها في وجود الذوات، هي بالأساس مسألة رقابة تتوسل بكل الملفوظات والمنتوجات التقنية والقانونية وغيرها لنمذجة الذوات وإخضاعها لمقتضيات ديمومتها. عن هذا الحضور الدائم للسلطة في ثنايا وطيات حياة الناس أيضا كتب جورج أورويل روايته الخالدة 1984 حيث الأخ الأكبر (بيغ براذر) هو تلك العين التي لا تكل ولا تمل من تمحص كل كبيرة وصغيرة في حيوات السكان وعن التصرف بمقتضى ذلك: الدولة ذاتها باعتبارها سجنا كبيرا.

لكن الحرية لا تصمت. بالتوازي مع إبداعاته النظرية عاش فوكو مسألة السجن من خلال نضالاته الفعلية. فيفري 1971. في سياق الحراك الثوري المبدع  لماي 68 أنشأ فوكو رفقة صديقه الحميم دانييل ديفير فريق الإعلام حول السجون (G.I.P ) الذي كانت أهدافه الأولى الاطلاع على الحياة الفعلية للسجناء والاتصال بهم عبر مناشير يدخلها إليهم زوارهم من أفراد عائلاتهم. كان الغرض الأساسي هو إعطاء الكلمة للمسجونين أنفسهم لكشف حقيقة ما يعيشونه داخل غياهب زنزاناتهم. وبالتوازي كان أعضاء الفريق ينشرون ورقات تحمل حقائق مذهلة عن معيش الذين هم في الظلمة. كما كانت تنتظم من حين لآخر مسيرات أو اعتصامات مكنت من التعريف بأهداف الفريق وخلفياته النظرية المقاومة (بعيدا عن أي تنظيم حزبي أو إيديولوجي مغلق) مما جعل عددا كبيرا من السجناء السابقين ومن المثقفين والفنانين وغيرهم من الناشطين ينضمون إلى الفريق. عن إنجازات هذه المبادرة يتحدث دولوز في إحدى حواراته فيقول: "كانت الـ G. I. P في اعتقادي حقل تجربة إلى حدود المراقبة والمعاقبة. ما كان فوكو منتبها إليه منذ البداية هو الفرق الهائل بين المنزلة النظرية والقانونية للسجن، بما هو حرمان من الحرية، وبين ممارسة السجن التي كانت أمرا مغايرا تماما إذ لم يكن يُكتفى بحرمان المرء من الحرية (وهو في حد ذاته أمر جلل)، ولكن ينضاف إليه كل ذلك النسق من الإذلالات، كل ذلك النسق الذي به يتم تحطيم الناس والذي لا يدخل في باب الحرمان من الحرية. لقد اكتُشف، وهو ما كان الجميع يعلمه، أنه كانت هناك عدالة من دون أية رقابة خولت نفسها بنفسها داخل السجن، بما أنه كان هناك سجن داخل السجن..."               

 

الأم

 

على باب الزنزانة رقم 17 نودي على السجين نورالدين بن خذر. زيارة. كان رفاقه ينظرون إليه بغبطة وهو يرتعش تهيئا لرؤية أمه التي قطعت أكثر من خمسمائة كيلومتر لرؤيته بعد سنوات طويلة من الغياب. كانوا أيضا يتلهفون لروائح تلك الأكلات الحامّية التي ذاق بعضهم لذتها الحارة حرارة الحمامات الطبيعية التي أنعشت أجسادهم استعدادا لاحتساء حلبيات اللاقمي تحت قمر الواحة الفتان. متوترا يتبع نورالدين الحارس: كيف سيكون وجه الوالدة بعد سنوات الفراق الطويلة؟ هل ستعيد عليه أسئلتها المربكة عن معنى الشيوعية وعن حقيقة تطلعه إلى أن يحكم ورفاقه البلاد عوضا عن بورقيبة؟ أية أخبار ستحملها إليه عن زيجات أو عن وفيات بعض الأهل هناك؟ يتلامحها حال دخوله القاعة. يفصله عنها جدار سميك ثبت فوقه ستار حديدي ضيقة مربعاته. يقف خلف القضبان. تتملى ملامحه. يشرب غضونها السمراء ويشم روائح النخل والحناء والرمان في ملاءتها وفي ضفائر شعرها. لكنها عوض أن تكلمه تلتفت إلى أحد الحراس قربها. كانت تحتج في صرامة هادئة. لا لم تكن تعبأ بتفتيش السجان لقفتها العامرة أطعمة أو لعبثه بها متغامزا مع بعض زملائه. كانت تعلن رفضها لأي حديث مع ابنها قبل أن يجعلوه يسير أمامها. لم يفهم الحراس ففسرت. ورغم الضجيج سمعها نورالدين: "أسمعني يا وليدي، قالت للسجان الشاب، حين أنجبته كان كاملا. وحين غادرني آخر مرة كان يسير كاملا على ساقيه. أنتم تعرضون علي الآن نصفه الفوقي وقد عرفته. لكنني لن أكلمه إلا حين أرى النصف الآخر. ما الذي يضمن لي أنكم لم تتركوا منه إلا هذا الجزء الفوقي؟ لن أكلمه ولن أذهب من هنا إلا بعد أن أراه يسير على قدميه الذين منحتهما له من بدني المتعب هذا".          

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article